بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، ولا يدوم إلا ملكه، الحمد لله الموجود أزلا وأبدا بلا مكان المنـزه عن الحدود والجسم والشكل، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الأتقياء.
كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان . الله خالق المكان وكان قبل خلق المكان موجود بلا مكان وبعد ان خلق المكان لا يحتاج الى المكان، ويكفي دليلا على ذلك قوله جل من قائل ( ليس كَمِثْلهِ شيءٌ وهو السَّمِيعُ البصير) الشُّورى- الآية:11، هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « اللهم أنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء » رواه مسلم. ومعناه ان الله موجود بلا مكان‚ قال الحافظ البيهقي: ومن لم يكن فوقه شيء ولا دونه شيء لم يكن في مكان،وقال علي رضي الله عنه: "من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود".
ولله در القائل:
أَيَا مَنْ تَعَالَى مَجْدُهُ فَتَكَبَّرَا ... وَجَلَّ جَلاَلاً قَدْرُهُ أَنْ يُقَدَّرَا
وَمَنْ حُكْمُهُ مَاضٍ عَلَى الْخَلْقِ نَافِذٌ ... بِمَا خَطَّ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَسَطَّرَا
لَكَ الْحَمْدُ لاَ مُعْطِي لِمَا أَنْتَ مَانِعٌ ... وَلاَ مَانِعٌ مَا أَنْتَ تُعْطِي مُوَفَّرَا
قَضَاؤُكَ مَقْضِيٌّ وَحُكْمُكَ نَافِذٌ ... وَعِلْمُكَ فِي السَّبْعِ الطِّبَاقِ وَفِي الثَّرَى
وَأَمْرُكَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ كَائِنٌ ... بِأَسْرَعَ مِنْ لَحْظِ الْعُيُونِ وَأَيْسَرَا
إِذَا قُلْتَ كُنْ كَانَ الَّذِي أَنْتَ قَائِلٌ ... وَلَمْ يَكُ مِنْكَ الْقَوْلُ فِيهِ مُكَرَّرَا
سَبَقْتَ وَلَمْ تُسْبَقْ وَكُنْتَ وَلَمْ يَكُنْ ... سِوَاكَ وَتَبْقَى حِينَ يَهْلِكُ ذَا الْوَرَى
وَدَبَّرْتَ أَمْرَ الْخَلْقِ مِنْ قَبْلِ خَلْقِهِ ... فَكَانَ الَّذِي دَبَّرْتَ عَدْلاً مُيَسَّرَا
عَلَوْتَ عَلَى السَّبْعِ السَّمَاوَاتِ قَاهِرًا ... وَأَنْتَ تَرَى مَا قَدْ خَلَقْتَ وَلاَ تُرَى
تُقِرُّ لَكَ الأَرْبَابُ أَنَّكَ رَبُّهَا ... وَلَوْ أَنْكَرَتْ ذَاقَتْ عَذَاباً مُنَكَّرَا
لَبِسْتَ رِدَاءَ الْكِبْرِيَاءِ وَلَمْ يَكُنْ ... لِغَيْرِكَ يَا ذَا الْمَجْدِ أَنْ يَتَكَبَّرَا
وَأَنْتَ كَمَا سَمَّيْتَ نَفْسَكَ قَاهِرٌ ... وَأَنْتَ إِلَهُ الْعَرْشِ حَقًّا بِلاَ امْتِرَا
وَأَنْتَ رَفَعْتَ السَّبْعَ فِي ذُرْوَةِ الْعُلَى ... وَأَمْسَكْتَهَا كَيْ لاَ تَخِرَّ عَلَى الثَّرَى
وَسَخَّرْتَ فِيهَا الشَّمْسَ وَالْبَدْرَ زِينَةً ... لَهَا وَنُجُوماً طَالِعَاتٍ وَأَنْؤُرَا
وَأَنْتَ بَسَطْتَ الأَرْضَ ثُمَّ دَحَوْتَهَا ... وَأَجْرَيْتَ أَنْهَارًا عَلَيْهَا وَأَبْحُرَا
وَأَرْسَيْتَ فِيهَا الرَّاسِيَاتِ شَوَامِخًا ... وَفَجَّرْتَ مِنْهَا مَاءَهَا فَتَفَجَّرَا
وَأَنْتَ الَّذِي أَنْشَأْتَ مِنْهَا بِقُدْرَةٍ ... مِنَ الْحَمَإِ الْمَسْنُونِ خَلْقًا مُصَوَّرَا
جَعَلْتَ لَهُ سَمْعًا وَعَقْلاً وَنَاظِرًا ... وَسَوَّيْتَهُ خَلْقاً سَمِيعًا وَمُبْصِرَا
وَزَوَّجْتَهُ زَوْجًا مِنْ إِحْدَى ضُلُوعِهِ ... وَأَنْسَلْتَ نَسْلاً مِنْهُمَا مُتَكَاثِرَا
فَسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا الْمَجْدِ وَالْعُلَى ... تَبَارَكَ رَبِّي مَا أَجَلَّ وَأَقْدَرَا
لَكَ الْمِنَّةُ الْعُظْمَى عَلَى مَا هَدَيْتَنَا ... وَدَيَّنْتَنَا دِيناً حَنِيفاً مُطَهَّرَا
وَأَوْرَثْتَنَا بَعْدَ الْجَهَالَةِ حِكْمَةً ... وَنُورًا مُبِيناً لِلْقُلُوبِ مُنَوِّرَا
وَكَمْ مِنَّةٍ أَلْبَسْتَنَاهَا جَلِيلَةٍ ... بِهَا قَدْ سَتَرْتَ عِلْمَهَا فَتَسَتَّرَا
وَكَمْ كُرْبَةٍ كَشَفْتَهَا وَعَظِيمَةٍ ... دَفَعْتَ وَكَمْ يَسَّرْتَ مَا قَدْ تَعَسَّرَا
أَسَأْنَا وَأَذْنَبْنَا كَثِيرًا وَلَمْ تَزَلْ ... إِلَهاً رَؤُوفاً مُحْسِنًا وَمُيَسِّرَا
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا مُسِيءٌ وَمُذْنِبٌ ... لَجِئْتَ بِقَوْمٍ مُذْنِبِينَ فَتَغْفِرَا
وَصَلَّى إِلَهُ الْعَرْشِ مَا لاَحَ كَوْكَبٌ ... عَلَى مَنْ أَتَى بِالْمُعْجِزَاتِ مُبَشِّرَا
مُحَمَّدٍ الْهَادِي إِلَى خَيْرِ مِلِّةٍ ... وَأَفْضَلِ خَلْقِ اللهِ طُرًّا وَأَزْهَرَا
****
فَلاَ أَطْلُبَنْ غَيْرِي دَلِيلاً عَلَى رَبِّي ... لأنِّي دَلِيلٌ عِنْدَ مَنْ كَانَ ذَا لُبِّي
فَفِي خِلْقَتِي كُلُّ الْعَجَائِبِ قَدْ بَدَتْ ... تُشَاهِدُهَا عَيْنُ الْبَصِيرَةِ وَالْقَلْبِ
فَلَيْسَ عَلَى تَكْوِينِ كَوْنِيَ قَادِرًا ... سِوَى مَالِكِي رَبِّي فَلاَ غَيْرُهُ رَبِّي
وَكَوْنِيَ بِالتَّكْوِينِ قَدْ كُنْتُ كَائِنًا ... أَجَلُّ دَلِيلٍ مِنْ مَشَاهِدِهِ شُرْبِي
****
يَا مَنْ يَرَى مَدَّ الْبَعُوضِ جَنَاحَهُ ... فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ الأَلْيَلِ
وَيَرَى خَرِيرَ دِمَائِهَا مُتَسَلْسِلاً ... فِي جِسْمِهَا مِنْ مَفْصِلٍ فِي مَفْصِلِ
وَيَرَى نِيَاطَ عُرُوقِهَا فِي لَحْمِهَا ... وَالْمُخَّ فِي تِلْكَ الْعِظَامِ النُّحَّلِ
وَيَرَى وَيَسْمَعُ كُلَّ مَا هُوَ كَائِنٌ ... سُبْحَانَهُ مِنْ مَالِكٍ مُتَفَضِّلِ
أمْنُنْ عَلَيَّ بِتَوْبَةٍ أَمْحُو بِهَا ... مَا كَانَ مِنِّي فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ
****
إِلَى اللهِ كُلُّ الأَمْرِ فِي الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ... وَلَيْسَ إِلَى الْمَخْلُوقِ شَيْءٌ مِنَ الأَمْرِ
****
طُوبَى لِعَبْدٍ بِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِمٍ ... عَلَى صِرَاطٍ سَوِيٍّ ثَابِتٍ قَدَمُهْ
****
قَوْمٌ هُمُومُهُمُ بِاللهِ قَدْ عَلِقَتْ ... فَمَالَهُمْ هِمَمٌ تَسْمُو إِلَى أَحَدِ
فَمَطْلَبُ الْقَوْمِ مَوْلاَهُمْ وَسَيِّدُهُمْ ... يَا حُسْنَ مَطْلَبِهِمْ لِلْوَاحِدِ الصَّمَدِ
اللهم صل وسلم وبارك على عبدكورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
--------------
المرجع: كتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط
لمؤلفه: أحمد سالم ابن عبد الودود الحسني الإدريسي السباعي.
مؤلف وناشر وباحث، في تاريخ وأنساب الشرفاء
أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
[b]