[color=blue]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: ففي تفسير القرطبي - (ج 6 / ص 159): قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ...) (35) المائدة. وقال تعالى:( يَبْتغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) الإسراء:57
الوسيلة هي القربة عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء والسدي وابن زيد وعبد الله بن كثير، وهي فعيلة من توسلت إليه أي تقربت، قال عنترة:
إن الرجال لهم إليك وسيلة * أن يأخذوك تكحلي وتخضبي
والجمع الوسائل، قال:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا * وعاد التصافي بيننا والوسائل
ويقال: منه سلت أسأل أي طلبت، وهما يتساولان أي يطلب كل واحد من صاحبه، فالأصل الطلب، والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها، والوسيلة درجة في الجنة، وهي التي جاء الحديث الصحيح بها في قوله عليه الصلاة والسلام: (فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).
قال الإمام علي كرم الله وجهه
وَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيِّ ... يَدِقُّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ
وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ ... فَفَرَّجَ كُرْبَةَ الْقَلْبِ الشَّجِيِّ
وَكَمْ أَمْرٍ تُسَاءُ بِهِ صَبَاحًا ... وَتَاتِيكَ الْمَسَرَّةُ بِالْعَشِيِّ
إِذَا ضَاقَتْ بِكَ الأَحْوَالُ يَوْمًا ... فَثِقْ بِالْوَاحِدِ الْفَرْدِ الْعَلِيِّ
تَوَسَّلْ بِالنَّبِي فِي كُلِّ خَطْبٍ ... يَهُونُ إِذَا تُوُسِّلَ بِالنَّبِيِّ
وَلاَ تَجْزَعْ إِذَا مَا نَابَ خَطْبٌ ... فَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيِّ
****
قال عبد القادر الجيلاني:
صَرَفْتُ إِلَى رَبِّ الأَنَامِ مَطَالِبِي ... وَوَجَّهْتُ وَجْهِي نَحْوَهُ وَمَئَارِبِي
إِلَى الصَّمَدِ الْفَرْدِ الَّذِي فَاضَ جُودُهُ ... وَعَمَّ الْوَرَى طُرًّا بِجَزْلِ الْمَوَاهِبِ
إِلَى الْمَلِكِ الأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ ... مَلِيكٌ يُرَجَّى سَيْبُهُ فِي الْمَسَاغِبِ
مُجِيرِي مِنَ الْخَطْبِ الْمَخُوفِ وَنَاصِرِي ... مُغِيثِي إِذَا ضَاقَتْ عَلَيَّ مَذَاهِبِي
مُقِيلِي إِذَا زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ عَاثِرًا ... وَأَسْمَحِ غَفَّارٍ وَأَكْرَمِ وَاهِبِ
فَمَا زَالَ يُولِينِي الْجَمِيلَ تَفَضُّلاً ... وَيَدْفَعُ عَنِّي فِي صُدُورِ النَّوَائِبِ
وَيَرْزُقُنِي طِفْلاً وَكَهْلاً وَقَبْلَهَا ... جَنِينًا وَيَحْمِنِي دَنِيَّ الْمَكَاسِبِ
إِذَا سَدَّتِ الأَمْلاَكُ دُونِيَ بَابَهَا ... وَنَهْنَهَ عَنْ غِشْيَانِهَا زَجْرُ حَاجِبِ
فَزِعْتُ إِلَى بَابِ الْمُهَيْمِنِ ضَارِعًا ... ذَلِيلاً أُنَادِي بِاسْمِهِ غَيْرَ هَائِبِ
فَلَمْ أَلْقَ حَجَّابًا وَلَمْ أَخْشَ مَنْعَةً ... وَلَوْ كَانَ سُؤْلِي فَوْقَ هَامِ الْكَوَاكِبِ
كَرِيمٌ يُلَبِّي عَبْدَهُ كُلَّمَا دَعَا ... نَهَارًا وَلَيْلاً فِي الدُّجَى وَالْغَيَاهِبِ
يَقُولُ لَهُ لَبَّيْكَ عَبْدِيَ دَاعِيًا ... وَإِنْ كُنْتَ خَطَّاءً كَثِيرَ الْمَعَائِبِ
فَمَا ضَاقَ عَفْوِي عَنْ جَرِيـمَةِ خَاطِئٍ ... وَمَا أَحَدٌ يَرْجُو نَدَايَ بِخَائِبِ
فَلاَ تَخْشَ إِقْلاَلاً وَإِنْ كُنْتَ مُكْثِرًا ... فَعَفْوِيَ مَبْذُولٌ إِلَى كُلِّ طَالِبِ
فَسَائِلْهُ مَا قَدْ شِئْتَ إِنَّ يَمِينَهُ ... تَسُحُّ دِفَاقًا بِالْمُنَى وَالرَّغَائِبِ
فَحَسْبِيَ رَبِّي فِي الْهَزَاهِزِ مَلْجَئًا ... وَحِرْزًا إِذَا خِيفَتْ سِهَامُ النَّوَائِبِ
وَحَسْبِي رَسُولُ اللهِ فِي كُلِّ أَزْمَةٍ ... مَلاَذًا وَأَمْنًا لاِخْتِشَاءِ عَوَاقِبِ
وَحَسْبِي رَسُولُ اللهِ أَكْرَمُ وَاهِبٍ ... وَأَفْضَلُ مَنْ مُدَّتْ لَهُ كَفُّ رَاغِبِ
عَلَيْهِ كَمَا هَبَّ النَّسِيمُ تَحِيَّةٌ ... تَطِيبُ بِهَا أَرْجَاءُ فِيحِ السَّبَاسِبِ
وَأَزْكَى سَلاَمٍ يَنْتَهِي الْقَطْرُ دُونَهُ ... وَيَقْصُرُ عَنْ إِحْصَائِهِ عَدُّ حَاسِبِ
****[/color]
.... يتبع ...
[justify][b]
أما بعد: ففي تفسير القرطبي - (ج 6 / ص 159): قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ...) (35) المائدة. وقال تعالى:( يَبْتغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) الإسراء:57
الوسيلة هي القربة عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء والسدي وابن زيد وعبد الله بن كثير، وهي فعيلة من توسلت إليه أي تقربت، قال عنترة:
إن الرجال لهم إليك وسيلة * أن يأخذوك تكحلي وتخضبي
والجمع الوسائل، قال:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا * وعاد التصافي بيننا والوسائل
ويقال: منه سلت أسأل أي طلبت، وهما يتساولان أي يطلب كل واحد من صاحبه، فالأصل الطلب، والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها، والوسيلة درجة في الجنة، وهي التي جاء الحديث الصحيح بها في قوله عليه الصلاة والسلام: (فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).
قال الإمام علي كرم الله وجهه
وَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيِّ ... يَدِقُّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ
وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ ... فَفَرَّجَ كُرْبَةَ الْقَلْبِ الشَّجِيِّ
وَكَمْ أَمْرٍ تُسَاءُ بِهِ صَبَاحًا ... وَتَاتِيكَ الْمَسَرَّةُ بِالْعَشِيِّ
إِذَا ضَاقَتْ بِكَ الأَحْوَالُ يَوْمًا ... فَثِقْ بِالْوَاحِدِ الْفَرْدِ الْعَلِيِّ
تَوَسَّلْ بِالنَّبِي فِي كُلِّ خَطْبٍ ... يَهُونُ إِذَا تُوُسِّلَ بِالنَّبِيِّ
وَلاَ تَجْزَعْ إِذَا مَا نَابَ خَطْبٌ ... فَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيِّ
****
قال عبد القادر الجيلاني:
صَرَفْتُ إِلَى رَبِّ الأَنَامِ مَطَالِبِي ... وَوَجَّهْتُ وَجْهِي نَحْوَهُ وَمَئَارِبِي
إِلَى الصَّمَدِ الْفَرْدِ الَّذِي فَاضَ جُودُهُ ... وَعَمَّ الْوَرَى طُرًّا بِجَزْلِ الْمَوَاهِبِ
إِلَى الْمَلِكِ الأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ ... مَلِيكٌ يُرَجَّى سَيْبُهُ فِي الْمَسَاغِبِ
مُجِيرِي مِنَ الْخَطْبِ الْمَخُوفِ وَنَاصِرِي ... مُغِيثِي إِذَا ضَاقَتْ عَلَيَّ مَذَاهِبِي
مُقِيلِي إِذَا زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ عَاثِرًا ... وَأَسْمَحِ غَفَّارٍ وَأَكْرَمِ وَاهِبِ
فَمَا زَالَ يُولِينِي الْجَمِيلَ تَفَضُّلاً ... وَيَدْفَعُ عَنِّي فِي صُدُورِ النَّوَائِبِ
وَيَرْزُقُنِي طِفْلاً وَكَهْلاً وَقَبْلَهَا ... جَنِينًا وَيَحْمِنِي دَنِيَّ الْمَكَاسِبِ
إِذَا سَدَّتِ الأَمْلاَكُ دُونِيَ بَابَهَا ... وَنَهْنَهَ عَنْ غِشْيَانِهَا زَجْرُ حَاجِبِ
فَزِعْتُ إِلَى بَابِ الْمُهَيْمِنِ ضَارِعًا ... ذَلِيلاً أُنَادِي بِاسْمِهِ غَيْرَ هَائِبِ
فَلَمْ أَلْقَ حَجَّابًا وَلَمْ أَخْشَ مَنْعَةً ... وَلَوْ كَانَ سُؤْلِي فَوْقَ هَامِ الْكَوَاكِبِ
كَرِيمٌ يُلَبِّي عَبْدَهُ كُلَّمَا دَعَا ... نَهَارًا وَلَيْلاً فِي الدُّجَى وَالْغَيَاهِبِ
يَقُولُ لَهُ لَبَّيْكَ عَبْدِيَ دَاعِيًا ... وَإِنْ كُنْتَ خَطَّاءً كَثِيرَ الْمَعَائِبِ
فَمَا ضَاقَ عَفْوِي عَنْ جَرِيـمَةِ خَاطِئٍ ... وَمَا أَحَدٌ يَرْجُو نَدَايَ بِخَائِبِ
فَلاَ تَخْشَ إِقْلاَلاً وَإِنْ كُنْتَ مُكْثِرًا ... فَعَفْوِيَ مَبْذُولٌ إِلَى كُلِّ طَالِبِ
فَسَائِلْهُ مَا قَدْ شِئْتَ إِنَّ يَمِينَهُ ... تَسُحُّ دِفَاقًا بِالْمُنَى وَالرَّغَائِبِ
فَحَسْبِيَ رَبِّي فِي الْهَزَاهِزِ مَلْجَئًا ... وَحِرْزًا إِذَا خِيفَتْ سِهَامُ النَّوَائِبِ
وَحَسْبِي رَسُولُ اللهِ فِي كُلِّ أَزْمَةٍ ... مَلاَذًا وَأَمْنًا لاِخْتِشَاءِ عَوَاقِبِ
وَحَسْبِي رَسُولُ اللهِ أَكْرَمُ وَاهِبٍ ... وَأَفْضَلُ مَنْ مُدَّتْ لَهُ كَفُّ رَاغِبِ
عَلَيْهِ كَمَا هَبَّ النَّسِيمُ تَحِيَّةٌ ... تَطِيبُ بِهَا أَرْجَاءُ فِيحِ السَّبَاسِبِ
وَأَزْكَى سَلاَمٍ يَنْتَهِي الْقَطْرُ دُونَهُ ... وَيَقْصُرُ عَنْ إِحْصَائِهِ عَدُّ حَاسِبِ
****[/color]
.... يتبع ...
[justify][b]